فايننشال تايمز: خلافة بن سلمان تؤرق بيت الحكم السعودي

صعوبات تعرقل اختيار شقيقه خالد نائبا لولي العهد

اتسمت زيارة دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية الشهر الماضي بكل مظاهر الأبهة والفخامة المتوقعة من زيارة دولة إلى المملكة، حيث اصطف حرس الشرف على ظهور الخيول، وأقيمت ولائم فاخرة في قصور مترفة.

لكن شخصًا واحدًا بحسب تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية  كان غائبًا بشكل لافت: “الملك سلمان نفسه”.

ومع ندرة ظهور الملك البالغ من العمر 89 عامًا علنًا، كان ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو من استضاف الرئيس الأميركي في مشاريع تطوير ضخمة وقمة إقليمية في العاصمة السعودية.

مثلت هذه الزيارة تأكيدًا، بحسب التقرير الذي ترجمه “الرائد ” على قيادة الأمير محمد الفريدة للمملكة. فبعد ثماني سنوات من صعوده الدراماتيكي الذي قلب تقاليد السعودية رأسًا على عقب، يكاد يُضمن للأمير البالغ من العمر 39 عامًا اعتلاء العرش بعد وفاة والده.

لكن النقطة الحقيقية للغموض وفقا للصحيفة البريطانية  – وهي مسألة بالغة الحساسية لا تُناقش إلا همسًا في الدولة الاستبدادية – تتعلق بالسؤال عمن قد يخلف محمد بن سلمان، المعروف اختصارًا بـ”إم بي إس”، في حال حدث له مكروه.

لقد أفضى صعود الأمير محمد إلى لحظة نادرة منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة عام 1932 على يد جده الملك عبدالعزيز، وهي لحظة لا يوجد فيها ترتيب واضح للخلافة.

فحتي الآن فلا يوجد نائب لولي العهد، الذي يُفترض أن يكون الخليفة الطبيعي لولي العهد، ولا نائب لرئيس الوزراء.

وبالنظر إلى عمره، قد يحكم محمد بن سلمان لعقود قادمة. لكن غياب خليفة واضح خلق ما وصفه ديفيد راندل، القائم بأعمال السفارة الأميركية سابقًا في السعودية، بـ”مخاطر الرجل الواحد”، في إشارة إلى قيادة “إم بي إس” المركزية ودوره الريادي في فترة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الدراماتيكية – لكنها غير مكتملة – ضمن رؤيته 2030 التي هزت أسس المجتمع المحافظ.

قال راندل، مؤلف كتاب “رؤية أم سراب: السعودية على مفترق طرق”: “هناك شخص واحد فقط هو من يدير الأمور، وليس واضحًا ماذا سيحدث إذا رحل”.

ومضي للقول : “ليس عليك فقط أن تجد شخصًا ليجلس على العرش، بل عليك أن تجد شخصًا ليستمر فيما يحدث، وهذه مشكلة محتملة”.

لكن برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون، قال إنه إذا أصبح “إم بي إس” ملكًا، يمكنه أن يُعلن ولي العهد في نفس اليوم أو بعده بقليل، “وأعتقد أن ذلك مدرج في الخطة”.

وأضاف: “هذا شيء ناقشه مع أعضاء رئيسيين في العائلة المالكة. لماذا لم يُعلنه بعد؟ هذا غير واضح. هناك قدر من عدم اليقين حول من سيصبح وليًا للعهد، لكنه ليس مصدرًا لعدم الاستقرار الهيكلي”.

ويُفترض أن يكون الخليفة من نسل مباشر للملك عبدالعزيز، الذي أنجب ما لا يقل عن 36 ابنًا. لكن يُعتقد أن قلة منهم فقط لديهم فرصة واقعية للوصول إلى العرش.

عندما يتكهن السعوديون بمن قد يختاره “إم بي إس”، الذي يُعتقد أن لديه ثلاثة أبناء ذكور وابنتين، يشير البعض إلى شقيقه الأصغر الأمير خالد، وزير الدفاع البالغ من العمر 37 عامًا.

لكن وفقًا للقانون الأساسي للحكم في السعودية، الذي يعمل بمثابة الدستور، لا يمكن تعيين الأمير خالد وليًا للعهد لأن القانون ينص على ألا يكون الملك وولي عهده من نفس فرع أبناء الملك عبدالعزيز.

ويملك الملك صلاحية تعديل هذا القانون، لكن في النظرية يجب أن توافق هيئة البيعة المكونة من كبار الأمراء على الخلافة.

من الأسماء الأخرى المطروحة الأمير تركي بن محمد بن فهد، حفيد الملك فهد، ويُعتبر من الأوفر حظًا لدى مراقبي الشأن السعودي. يشغل منصب وزير دولة ومستشار بالديوان الملكي، ويدير علاقات الرياض مع جيرانها في الخليج.

وهناك أيضًا الأمير عبدالله بن بندر، وزير الحرس الوطني القوي، رغم أنه ينحدر من فرع أقل بروزًا، إذ لم يشغل والده، وهو ابن آخر للملك عبدالعزيز، أي منصب رفيع.