حرب إيران وإسرائيل تنذر بعواقب كارثية

مشهد معقد ومواقف دولية متباينة

تتصاعد وتيرة الصراع بين إيران وإسرائيل بشكل غير مسبوق، وسط ضربات متبادلة، وتحذيرات دولية، ووساطات دبلوماسية من قوى كبرى تسعى لتفادي انفجار إقليمي شامل. في ظل هذا المشهد المعقد، تتباين المواقف الدولية بين دعم معلن، ودعوات للتهدئة، وتخوّف من تداعيات تمتد إلى الأمن العالمي والاقتصاد الدولي والنظام الجيوسياسي بأسره.

ذكرت قناة الجزيرة أن روسيا تجد نفسها في موقف حرج، إذ تحاول الحفاظ على علاقاتها التاريخية مع إيران من جهة، بينما لا ترغب في خسارة علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل، خاصة في ظل تنسيق أمني طويل الأمد بين البلدين في سوريا.

وأضافت القناة أن عدة مناطق إيرانية شهدت انفجارات قوية ناتجة عن ضربات جوية إسرائيلية، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية أضرارًا في منشآت عسكرية، دون صدور بيان رسمي من طهران حول حجم الخسائر.

أفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن صفارات الإنذار دوت شمال إسرائيل بعد إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ الإيرانية، مشيرة إلى أن معظمها تم اعتراضه من قبل القبة الحديدية. وأكد الجيش الإسرائيلي أن بعض الصواريخ سقطت في مناطق مفتوحة، فيما رُصد تحليق طائرات مسيرة إيرانية لاحقًا.

قالت إذاعة “إن بي آر” الأمريكية إن حالة من الذعر تسود طهران بعد تحذيرات إسرائيلية للسكان بإخلاء المناطق الحساسة. وقد أبلغ سكان محليون عن نقص في السلع الأساسية وازدحام أمام البنوك، وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة.

ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دعا إلى “استسلام غير مشروط” من المرشد الإيراني علي خامنئي، ملمحًا إلى إمكانية اتخاذ إجراءات عسكرية حاسمة إذا استمر دعم إيران للجماعات المسلحة. التصريحات تأتي في ظل التصعيد المتبادل المستمر بين إيران وإسرائيل.

أعلنت وكالة تاس الروسية أن وزارة الخارجية في موسكو اعتبرت الضربات الإسرائيلية على إيران انتهاكًا للقانون الدولي، ودعت إلى العودة الفورية للحوار لتجنب حرب كارثية. وأضافت أن روسيا مستعدة للعب دور الوسيط إذا قبل الطرفان.

أوردت وكالة تاس أن إسرائيل رفضت مقترحًا روسيًا للوساطة، معتبرة أن موسكو منحازة لطهران، خاصة في ظل التعاون العسكري بين البلدين. ونقلت الوكالة عن الكرملين أن تل أبيب أبلغت روسيا بشكل رسمي بعدم رغبتها في الوساطة.

قالت وكالة تاس أيضًا إن إيران نفذت ضربات صاروخية جديدة استهدفت قواعد جوية إسرائيلية، ووصفت هذه الهجمات بأنها رد مباشر على القصف الإسرائيلي الذي دمر مواقع في أصفهان وكرمان.

أشارت وكالة تاس في تغطية تحليلية إلى أن الحرب بين إيران وإسرائيل تُستغل لتوسيع الضغوط الغربية على روسيا، موضحة أن واشنطن تسعى لإشعال ساحات توتر جديدة مرتبطة بالصراع في أوكرانيا.

نقلت وكالة رويترز عن مسؤول روسي أن المحطة النووية في بوشهر مهددة بسبب الغارات الإسرائيلية المكثفة، مطالبًا بتحرك دولي فوري لتأمين المنشآت النووية المدنية في إيران.

أفادت وكالة شينخوا الصينية أن الرئيس شي جين بينغ وجه نداءً عاجلاً لخفض التصعيد، معلنًا استعداد بلاده للعب دور الوساطة بين إسرائيل وإيران، ودعا إلى حوار سياسي شامل لاحتواء التوتر.

ذكرت وكالة رويترز من بكين أن وزارة الخارجية الصينية عبّرت عن “قلق عميق” من الوضع، وطالبت بوقف إطلاق النار الفوري، كما دعت المواطنين الصينيين إلى مغادرة إيران وإسرائيل حفاظًا على سلامتهم.

قالت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” بالتعاون مع وكالة شينخوا إن الحكومة الصينية بدأت فعليًا بإجلاء رعاياها من طهران وتل أبيب، باستخدام طائرات مدنية وعسكرية وبالتنسيق مع البعثات الدبلوماسية في كلا البلدين.

أشارت منصة “مودرن دبلوماسي” إلى أن الإعلام الصيني وجّه انتقادات شديدة لإسرائيل، معتبرًا أن الحرب الحالية مرتبطة عضويًا بالعدوان المتواصل على غزة، وأن الحل يجب أن يكون شاملًا لا عسكريًا.

نشرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية تحليلًا لمحت فيه وسائل إعلام صينية إلى أن افتقار إيران لأنظمة تسليح صينية متقدمة، خاصة في مجال الدفاع الجوي، كان أحد أسباب تعرضها لخسائر كبيرة في الهجمات الإسرائيلية.

ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن ثلاثة من كبار الكتاب السياسيين ناقشوا سيناريوهات إنهاء الحرب، من بينها تسوية تفاوضية برعاية أمريكية أو هزيمة عسكرية مفاجئة لأي من الطرفين. وخلص المقال إلى أن الحل الأنسب هو اتفاق نووي جديد مع ضمانات أمنية متبادلة.

قالت صحيفة واشنطن بوست أيضًا إن الرئيس ترامب يناقش مع فريقه احتمال توجيه ضربات مباشرة إلى إيران باستخدام قنابل خارقة للأعماق، وسط انقسامات داخل الإدارة الأمريكية بين من يؤيد التصعيد العسكري ومن يحذر من التورط في حرب مفتوحة.

أفادت وكالة رويترز في باريس أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يرفض بشدة أي محاولة لتغيير النظام الإيراني بالقوة، محذرًا من تكرار سيناريوهات الفوضى كما حدث في العراق وليبيا، ومؤكدًا تمسك فرنسا بالحلول الدبلوماسية.

كتب الصحفي سايمون تيسدال في صحيفة الغارديان البريطانية أن حديث نتنياهو عن “تغيير النظام” في إيران هو في الحقيقة دعوة لتدمير النظام بالكامل، محذرًا من أن هذا الخطاب قد يؤدي إلى فوضى لا يمكن السيطرة عليها في المنطقة.

نشرت رويترز من برلين أن الحكومة الألمانية ترى أن الضربات الإسرائيلية تعكس مخاوف غربية حقيقية من الطموحات الإيرانية، لكنها شددت على ضرورة حل النزاع من خلال التفاوض، تفاديًا لامتداد الحرب إلى أوروبا.

قالت الكاتبة جينيفر روبن في صحيفة واشنطن بوست إن هناك محورًا عالميًا جديدًا يتشكل بين روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية، يعتمد على معاداة السامية كأداة سياسية ضد الغرب، ويهدف إلى زعزعة استقرار الديمقراطيات الليبرالية.

أكدت صحيفة جلوبال تايمز الصينية أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق بالقوة العسكرية، بل بالحكمة والدبلوماسية، محذرة من أن ما وصفته بـ”الاستفزازات الغربية” تدفع نحو تعميق النزاعات بدلًا من حلها.