اليمين المتطرف لا يكف عن إرهاب المسلمين في فرنسا
أحزاب لها أجندة هدفها الإثارة والمكاسب الانتخابية
- mabdo
- يونيو 9, 2025
- اخبار الأمة الإسلامية, الاحزاب
- الاسلام في فرنسا
رغم الانتقادات التي وجهتها الطبقة السياسية في فرنسا لوزير الداخلية برونو ريتيلو بشأن التقرير الذي وصف بـ”التغلغل الإسلامي”، إلا أن الرجل يمضي قدماً في مشروعه، بل ويسرع في إعداده تحسباً لكسب نفوذ في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة عام 2027، على حساب ملايين الفرنسيين المسلمين.
لطالما حذّرت الهيئات الممثلة للمسلمين في فرنسا، وعلى رأسها مسجد باريس الكبير، من مخاطر تقرير ريتيللو على التماسك الاجتماعي في فرنسا نظرًا للأهداف السياسية لهذا المشروع. إلا أن اليمين المتطرف، الذي أصبح يُملي سياساته من داخل الحكومة الفرنسية، لم يجد سبيلًا لتحقيق مكاسب سياسية سوى استهداف المسلمين.
ونظرا لخطورة هذا التقرير، أصدر المسجد الكبير في باريس ثلاثة بيانات في فترة قصيرة، وحذر عميده شمس الدين حافظ مرارا وتكرارا من التقرير، ووصفه بأنه “سياسي أكثر منه علمي” و”ذاتي للغاية ولا يستند إلى حقائق وتوضيحات موضوعية”.
إذن، ماذا يريد برونو ريتيلو، زعيم حزب “الجمهوريين” اليميني ووزير الداخلية، من الجالية المسلمة في فرنسا؟ وما هي أهداف هذا التقرير الذي، كما هو معلوم، أحدث انقسامًا حادًا في المجتمع الفرنسي؟
ويرى سعد عناني، ممثل الجالية الجزائرية في الخارج (الدائرة الثانية في فرنسا)، أن “استراتيجية ريتايليو الأساسية تهدف إلى الوصول إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية لعام 2027 من خلال الركوب على ظهور الجزائريين بشكل خاص والجالية المسلمة بشكل عام”.
وأعرب عضو المجلس الشعبي الوطني، في اتصال مع “الشروق”، عن اشمئزازه من هذا الاستغلال القبيح: “إنها وسيلة رخيصة قد تؤدي إلى الإضرار بالجزائريين وتعريض حياتهم لمخاطر جسيمة”، متوقعا أن يتكرر نفس المشهد الذي شهده عام 2007، عندما جعل الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي من الاعتداء على سكان الضواحي الباريسية، وهم في الغالب جزائريون، شعار حملته الانتخابية التي قادته للفوز بتلك الانتخابات، بعد عامين من الآن (في 2027).
سبق لشمس الدين حافظ أن وصف، في فيديو بُثّ على تويتر (سابقًا “X”)، تعامل السلطات الفرنسية مع تقرير ريتيللو بأنه “استسلام للجمهورية” لأحزاب سياسية ذات أجندات ضيقة. اللافت للنظر أنه صدر من دوائر حكومية، وهو “آلية تفتيش تُغتال من خلالها روح الميثاق الجمهوري للدولة الفرنسية”.
ويرى ممثل الدائرة الثانية في فرنسا أن هدفاً آخر لهذا التقرير هو “إثارة الخوف بين عامة الجمهور الفرنسي وإقناعهم بوجود تهديد وجودي لأمنهم وحياتهم اليومية، وهو أمر خاطئ، لكنه سيدفعهم حتماً إلى قبول إجراءات استفزازية وتمييزية يرفضونها ويرفضونها عادة”.
ويقول واضعو هذا التقرير، النائب سعد لعناني، لـ«الشروق»، إن الهدف هو «خلق حالة من عدم الاستقرار والخوف من الأجانب، وخاصة الجزائريين، كونهم الأكثر تواجدا في فرنسا، ومن ثم خلق مناخ ملائم وملائم لتهديد الأجانب وتوجيه مختلف الاتهامات إليهم، ثم تقييد أنشطتهم ثم منعها لاحقا».
ومن خصائص الطبيعة البشرية في مثل هذه الحالات الخوف والشك، ولذلك فإن “المجتمع الفرنسي، مثل غيره من المجتمعات، ينسحب على نفسه عندما يشعر بمخاطر محدقة، وبعد ذلك ينتج سلوكيات تفيد اليمين المتطرف الفرنسي”، الذي يستهدف الانتخابات الرئاسية في عام 2007 بكل الوسائل.
ويقول سعد لعناني إن هاجس ريتيللو هو “خلق هذا الجو وترسيخه، بل تأجيجه، حتى يتمكن من تحقيق هدفه في الاستيلاء على الرئاسة ثم جعلها أداة لخدمة الأحقاد الاستعمارية العميقة وتكثيف الحملات الإعلامية الاقتصادية والثقافية والسياسية”، وينظر إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما يشير إلى أن الهدف الرئيسي وراء ذلك هو “محاولة تطويق الجزائر وفرض الهيمنة عليها من خلال الإطاحة بنموذجها الوطني من خلال نشر كل أنواع الصراعات العرقية والثقافية والاجتماعية والسياسية”، لمواجهة تراجع فرنسا الناجم عن تراجع نفوذها الثقافي والصناعي والعلمي وضعف قدرتها التنافسية في مختلف المجالات.
وتشير هذه التقارير وغيرها، بحسب الممثل، إلى “هيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي في فرنسا، بعد أن كان فصيلاً صغيراً، قبل أن تزداد قوته من خلال تواطؤه مع النفوذ الصهيوني المتطرف، الذي أصبح بدوره مهيمناً في المجال السياسي والاجتماعي في فرنسا”