باراك : هذه مكاسب إسرائيل من دعم صفقة ترامب ووقف حرب غزة

اتهم نتنياهو بجر تل أبيب للهاوية

سيواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال الأيام المقبلة  خيارًا حاسمًا بين “حرب خداع” ذات دوافع سياسية في غزة وصفقة لإطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء الحرب. عليه أن يختار بين وزرائه المتطرفين – ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – أو التماهي مع دونالد ترامب.

بهذه الكلمات بدأ رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق أيهودا بارك في مقال له بمجلة التايم الأمريكية حيث مضي للقول :  يوجد توازن هنا. قبول صفقة الرهائن وإنهاء الحرب والعمل مع ترامب وقادة العالم الحر لن يكون سهلًا. أي خيار سيتطلب مفاوضات مفصلة وتنازلات. لكن هذا الطريق أفضل بكثير من أي بديل واقعي آخر.

وتابع رئيس حزب العمل الأسبق قائلا :استنادًا إلى إنجازات جيش الدفاع الإسرائيلي – بما في ذلك الإضرار بحماس، إضعاف حزب الله، تدمير الترسانة العسكرية السورية أثناء انهيار الأسد، وإظهار قدرة إسرائيل على توجيه ضربات عميقة داخل إيران .

-وفي هذه الأجواء – بحسب باراك يمكن للقيادة الإسرائيلية، من موقع قوة، أن تسعى لإطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة، ووقف هذه الحرب العبثية، وإنهاء الأزمة الإنسانية، واقتلاع حماس من الحكم.

وسيمكن هذا إسرائيل، وإن تأخر، من الانضمام إلى رؤية ترامب لشرق أوسط جديد، بما في ذلك التطبيع مع السعودية، ونشر القوات الإقليمي للتصدي للتحدي الإيراني، والمشاركة في مشروع الممر التجاري من الهند عبر الخليج إلى أوروبا.

ولكن نتنياهو إذا أصر علي استمرار  “حرب خداع” بدلاً من ذلك –يشارك بقوة في تواصل  الحرب السياسية المضللة وتصويرها كأنها تخدم أمن إسرائيل – سيكون خطأً فادحًا.

ومن المشكوك جدًا في أن يؤدي استمرار الحرب إلى نتائج مختلفة عما شهدناه في جولات غزة السابقة خلال العشرين شهرًا الماضية. لكنه بالتأكيد سيشكل حكمًا بالإعدام على بعض أو معظم الرهائن الأحياء، ويعمق التسونامي الدبلوماسي والمطالبات من المحكمة الجنائية الدولية التي تواجهها إسرائيل بالفعل.

قد يبدو هذا النهج منطقيًا لو أنه يمكن تحقيق “نصر كامل” على حماس، لكن ذلك لن يحدث. فعندما تتوقف هذه الحرب الجديدة حتمًا – بفعل الضغوط الدبلوماسية أو الأزمة الإنسانية أو تطورات ساحة المعركة أو التطورات السياسية الداخلية – سنجد أنفسنا في نفس الوضع الذي نحن فيه اليوم.

لفهم هذا، انظر إلى التاريخ القريب. هجوم ٧ أكتوبر  خلق دافعًا ملحًا لإسرائيل لضمان ألا تحكم حماس غزة مرة أخرى أو تهدد إسرائيل من هناك. السؤال كان: كيف نحقق هذا الهدف؟

وعاد للقول منذ بن جوريون، اتبعت إسرائيل أربع قواعد استراتيجية يجب أن تكون الحروب هجومية، تُخاض على أرض العدو، تنتهي بسرعة لتحويل نتائجها الميدانية إلى حقائق دبلوماسية وسياسية مع الحفاظ على الشرعية الدولية، و – وهذا مهم للغاية – عدم فقدان التفوق الأخلاقي. هكذا انتصرنا في ١٩٦٧ خلال ستة أيام وفي ١٩٧٣ خلال ثلاثة أسابيع. لقد خان نتنياهو تقريبًا كل هذه المبادئ.

وفي هذا السياق هناك قاعدة استراتيجية أخرى – من كلاوزفيتز إلى كيسنجر – تقول إن الحرب يجب أن يكون لها غرض سياسي واضح وقابل للتنفيذ عمليًا. وكما يقول المثل الروماني: “إذا كنت لا تعرف إلى أي ميناء تريد الوصول، فلن تأخذك أي ريح.” هذه القاعدة تم تجاهلها عمدًا. فمنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، عرقل نتنياهو أي نقاش جاد حول هذا الهدف.

وكان من الواضح لأي مراقب جاد أن حماس تلقت ضربات عسكرية كبيرة يوميًا، وخسرت معظم أسلحتها وقادتها منذ ٧ أكتوبر. ومع ذلك، ونظرًا لسهولة اختفاء أي مجموعة أو فرد من حماس في غضون دقائق، متحصنين بين مليوني مدني في غزة ويخرجون من الأنفاق أو نوافذ المباني لمهاجمة الإسرائيليين، فإن القضاء التام عليهم يظل مهمة مستحيلة.

وعاد باراك للقول مجددا :حتى بعد ٥٨ عامًا في الضفة الغربية، لم نقض تمامًا على وجود حماس في جنين أو طولكرم.

ومن ثم الطريقة الوحيدة لضمان ألا تحكم حماس غزة وتهدد إسرائيل مجددًا هي استبدالها بكيان حكم آخر مشروع في نظر المجتمع الدولي، وجيراننا العرب مثل مصر والإمارات والسعودية، وكذلك الفلسطينيين أنفسهم

واستدرك . عمليًا، يعني هذا قوة عربية مؤقتة بدعم من الجامعة العربية، وربما بقرار من مجلس الأمن، بتمويل من السعودية والإمارات، مع حكومة تكنولوجية تشرف على بيروقراطية فلسطينية وهيكل أمني جديد غير تابع لحماس، يُدرّب من قبل القوة العربية تحت إشراف أمريكي.

ستطرح إسرائيل شرطان فقط: ألا يشارك أي عضو في الجناح العسكري لحماس في هيئات الكيان الجديد، وأن تنسحب قوات الجيش الإسرائيلي، المتمركزة مبدئيًا على محيط القطاع، إلى الحدود فقط بعد استيفاء جميع المعايير الأمنية المتفق عليها مسبقًا.

وكان يمكن تنفيذ هذه الخطة بسهولة قبل عام، وبدا أنها تنقذ غزة وأهلها من مزيد من الدمار، لكنها الآن أصعب لأنها قد تُفَسَّر على أنها إنقاذ لإسرائيل من الغرق في وحل غزة. ومع ذلك، ما زالت الخطة صالحة رغم رفض الحكومة الإسرائيلية النظر فيها.

وشدد بارك في مقاله علي حاجة  إسرائيل بشكل عاجل إلى قيادة جديدة، واعية وواقعية، ذات رؤية واضحة وثقة بالنفس – قيادة قادرة على قراءة روح شعبنا، وفهم عقول شركائنا وخصومنا، والأهم من ذلك كله، التحلي بالشجاعة لاتخاذ القرارات والقدرة على تنفيذها.

وخلص بارك في نهاية مقاله للقول :سيحكم العالم علينا. لكن عبء إعادة إسرائيل إلى المسار الصحيح يقع علينا – نحن مواطني إسرائيل. أؤمن أننا سنتغلب. هذه الحرب ستنتهي قريبًا، وسيُستبدل أسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل بحكومة مسؤولة وفعالة. وسيلي ذلك طريق طويل من الإصلاح.