تفاصيل خطة صهيونية لتوزيع المساعدات في غزة تتجاوز الأمم المتحدة

جري إلباسها ثوبا أمريكيا

طوال فترة الحرب في غزة، كانت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة المتمرسة تشرف على توزيع المساعدات الغذائية داخل القطاع. أما الآن، فإن إسرائيل تستعد لنقل هذه المسئولية إلى مجموعة من المنظمات الخاصة التي أُنشئت حديثاً وتملك تاريخاً غامضاً ومصادر تمويل غير معروفة.

ويصف مؤيدو المشروع الجديد بحسب تقرير لنيويورك تايمز  بأنه مبادرة مستقلة ومحايدة يديرها في الأساس متعاقدون أميركيون.

وتُشرف على الأمن  وفقا لتقرير ترجمته جريدة الرائد مجموعة يقودها فيليب ف. رايلي، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، بينما يترأس حملة التمويل جاك وود، الجندي السابق في مشاة البحرية الأميركية، والذي صرح في مقابلة بأن النظام الجديد سيبدأ تطبيقه قريباً.

وفي مطلع مايو، أعلن مايك هاكابي، السفير الأميركي لدى إسرائيل، عن هذه الترتيبات، نافياً أن تكون “خطة إسرائيلية” ووصف هذا الادعاء بأنه “خاطئ تماماً”.

غير أن تحقيقاً أجرته نيويورك تايمز كشف أن هذه الخطة هي في الأصل فكرة إسرائيلية، طُرحت لأول مرة من قبل مسئولين إسرائيليين في الأسابيع الأولى من الحرب، بحسب ما أكده مسئولون إسرائيليون، وأشخاص مشاركون في المبادرة، وآخرون مطلعون على نشأتها، تحدثوا بشرط عدم كشف أسمائهم.

وقد بدأت ملامح الخطة تُرسم أواخر عام 2023 خلال اجتماعات خاصة جمعت مسؤولين وضباط جيش ورجال أعمال مقرّبين من الحكومة الإسرائيلية، في منتدى سُمي “منتدى مكفيه يسرائيل”، نسبة إلى الكلية التي استضافت أحد لقاءاتهم في ديسمبر 2023. وتبلورت بينهم فكرة التعاقد مع شركات خاصة لتوزيع الغذاء في غزة، متجاوزين الأمم المتحدة.

طوال عام 2024، عملت هذه المجموعة على حشد دعم سياسي وعسكري داخل إسرائيل، وبدأت بتطوير الخطة مع شركات أجنبية، وعلى رأسها شركة رايلي.

وتهدف الخطة إلى تقويض سيطرة حماس على غزة، ومنع وقوع المساعدات في أيدي المسلحين أو السوق السوداء، وتجاوز الأمم المتحدة التي لا يثق بها المسؤولون الإسرائيليون ويتهمونها بالتحيز ضد إسرائيل.

كما جادل الإسرائيليون بأن خطتهم ستنقل عملية التوزيع من مناطق فوضوية وخارجة عن السيطرة إلى مناطق خاضعة للجيش الإسرائيلي.

من جهتها، حذّرت الأمم المتحدة من أن الخطة ستقيد توزيع الغذاء بمناطق محدودة، وقد تعرض المدنيين للخطر، لأنهم سيُجبرون على قطع مسافات طويلة عبر خطوط الجيش الإسرائيلي للوصول إلى الغذاء. كما نبّهت إلى أن الخطة قد تيسر تنفيذ مخطط إسرائيلي لنقل السكان من شمال غزة، حيث إن المواقع الأولى للتوزيع ستكون في الجنوب فقط.

وبموجب الخطة الجديدة، ستؤمن شركة رايلي، “سيف ريتش سوليوشنز”، وشركات أمنية أخرى، أربعة مواقع توزيع في جنوب غزة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، بحسب وود.

وستقوم مؤسسته “مؤسسة غزة الإنسانية” بتمويل الترتيب، والذي سيحل تدريجياً محل نظام الأمم المتحدة الذي كان يُوزع الغذاء من مئات المواقع.

قال وود إن النظام “غير مثالي”، لكنه أضاف: “الواقع أن أي طعام يدخل غزة اليوم أكثر من الطعام الذي دخلها بالأمس”. وأكد أن مؤسسته تتمتع “بالاستقلال اللازم للعمل بشكل مستقل” ولا تتلقى تمويلاً من إسرائيل. وأضاف: “لن أشارك في أي خطة إذا كانت امتداداً لخطة الجيش الإسرائيلي أو الحكومة الإسرائيلية لتهجير الناس قسراً في أي مكان داخل غزة”.

وقد بدأت نشأة المشروع في أعقاب هجوم حماس في أكتوبر 2023، حين أعيد استدعاء مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الخدمة الاحتياطية، واحتل كثير منهم مواقع مؤثرة. وأسفر ذلك عن اندماج غير مسبوق بين الحياة العسكرية والمدنية، ما أدى إلى تفاعلات جديدة بين الضباط الدائمين والمجندين المؤثرين ورجال الأعمال.