كيف نتعامل مع الصراع الحالي بوعي ودون تحيزات (مقال)
في العدو أقرب وأبعد.. واقعيا وتاريخيا
- Ali Ahmed
- يونيو 18, 2025
- رأي وتحليلات
عبد الله النجدي
رؤيتي للواجب تجاه القتال بين إيران ودولة الكيان الخبيث، وهي رؤية رجل نشأ على حب العلوم الشرعية، وصحب أهلها من أكابر العلماء والدعاة، وقضى في محاولة درسها وفهمها نحوا من أربعين سنة، كان سنيا ولله الحمد، ويرجو أن يعيش ما بقي ويموت سنيًا سلفيًا.
رؤية رجل عرف الرافضة، وجالس عامتهم، وناظر من علمائهم ومعمميهم وجها لوجه، وعبر الوسائط عددًا مقدرًا.
رؤية رجل تجاوز الخمسين، وجرب الأمور.. تجعلني أعتقد أن الاكتفاء بدعاء صادق بأن يضرب الله الظالمين بالظالمين، ويخرجنا من بينهم سالمين غانمين! مع الاقتصار على الفرجة والمراقبة وتحضير الفشار، عملٌ غير مبرور! وعجز غير مقبول.
مع كونها رؤية رجل يعرف من حال الرافضة وحقدهم وحنقهم على السنة وتوظيف الغرب لعامتهم وخاصتهم ما شاهد الناس نتائجه مذابح تطال الأطفال في العراق والشام. ومع ذلك يعتقد ضعف من يخرِّج علاقة العداء الظاهرة بين الكيان وإيران على نظرية التمثيلية وتقاسم الأدوار!
وإن كنت لا أسمي هذا تحليلا دينيا ساذجًا كما يسميه بعض المرتمين في أحضان طرف يريد أن يستعملهم، لكنه تحليل ساذج غير ديني يريده أعداء الدين! وإلا ففي القرآن هم أهواء متفرقة، في قول مختلف، قلوبهم شتى، بينهم على الدنيا وعلى أديانهم أكثر مما صنع الحداد! وفي اعتقادي بعيد عن الشرع والعقل والواقع أن يُقال في هذا تمثيل!
وعجبي من تمثيل يُقتل فيه رموز وأعلام، وتسيل فيه دماء ألوف، وتُزهق فيه أنفس نفيسة عند أهلها مع غيرها.. ويكون نتيجتها دمار حقيقي لمنشآت، وقرى، ومدن، وقطاعات! والله إني لأستحيي لبعض من كان يقول مثل هذا من الفضلاء، بل الواجب أن يعلم:
أن هناك عداء حقيقيًا بين إسرائيل وإيران على نفوذ وغيره لكنه ليس على مصالحنا. هو عداء كالعداء بين روسيا وأكرانيا، والكوريتين وغيرها، من السخافة عدها تمثيلاً، وإن كان لا يعني ذلك عدم وجود مصالح تجمعهما! بلى توجد، مع وجود البغض والشحناء، ومع كون الكل أعداء.
ولكن في العدو أقرب وأبعد.. واقعيا وتاريخيا، وانظروا ماذا كانت مواقف العقلاء قبل عصر المحن هذا! انظروا في أحداث التاريخ، ألم تكن دولة بني بويه رافضية؟ ألم تكن دولة بني عبيد القداح أخبث؟ ألم تكن دولة بني حمدان رافضية؟ ألم يكن لسيف الدولة مع ذلك أربعين وقعة مع النصارى في الثغور الإسلامية! كيف كان موقف المسلمين منها؟
لابد أن نعلم ذلك ونعلم أن من المطلوب الوقوف مع الأقرب، أو دعمه. وإن وقف هذا الأقرب مع العدو الأبعد وأضر بنا، نحن لا نعاملهم بعقيدة الانتقام، وما فضلنا عليهم إن لم نلتزم تعاليم الإسلام!
قال شيخ الإسلام: “ألا ترى أن أهل السنة وإن كانوا يقولون في الخوارج والروافض وغيرهما من أهل البدع ما يقولون، لكن لا يعاونون الكفار على دينهم، ولا يختارون ظهور الكفر وأهله على ظهور بدعة دون ذلك.
والرافضة إذا تمكنوا لا يتقون”.
لكن الوقوف والدعم مع الأقرب لا يستلزمان القتال وبذل الدماء في قضيتهم ولأجل نصرتهم على كل حال، كما يريده الذين يخففون من شأن عداء الروافض ويتماهون معهم..علينا أن نميز بين ما تبذل فيه الدماء، وما تبذل فيه الأموال، فما دونها من الأفعال.
وعلينا أن نعلم أيضًا أن علينا مع الدعاء أن نعمل، أن نقف مواقف تحقق مصالحنا، تتجاوز موقف المتفرج، بل تتجاوز موقف الداعم للأقرب بالكلمة.
وأن من واجبنا أن نتهيأ لما سوف تتمخض عنه النتائج.
وأن نعلم أن هناك أعمالا أساسية سوف تكون مطلوبة قرب العهد أو بعد على الصعيد الإنساني والإغاثي والاحتوائي والدعوي والإرشادي والعلمي.. وسوف يفتح لها المجال، فيتعين أن ننظر كيف يمكن أن نقدمها بما يخدم إخوة لنا في العقيدة والدين هنا أو هناك.
قد تتاح لنا فرصة لإنقاذ أمة في الدارين فهل أعددنا؟
وكذلك علينا أن نلتفت إلى أن في إيران سنة، وأن علينا تجاههم واجب في هذه الأزمة أعظم.. وأن في فلسطين غزة، وقد تبرق في هذه الأزمة بارقة نجدة.
فعلينا أن نعد لذلك ونتأهب، عوضًا عن موضوع الفرجة والفشار.. أنتم في حقيقة لا خيال، في حرب لا فلم آكشن وقتال!
أمام أظلم وأطغى ينبغي أن نسعى في إضعافه بظالم أضعف.. كما يفعلونه هم سياسة ويصرحون به إذا تقاتل لهم عدوان!
هذا بعض ما علينا أفرادا ودعاة وعلماء ومؤسسات، أما الذي على دولنا وعلينا أن نبذل النصح لهم، فهو أعظم، عليهم التأهب لانفجار قد يصعب أن يحتوى، وأن يعدوا لأكثر الاحتمالات بؤسًا، وأن يقطعوا أملهم في دول غربية أو شرقية، وأن يتأهبوا للقيام بحفظ أمنهم ومصالح شعوبهم، وبسط نفوذهم.
أسأل الله أن يسلمنا من شر يراد بالمنطقة وبنا، وأن يوفقنا لاغتنام فرص تبرق أمامنا، وييسر لنا أن نستعملها في نجاتنا، وصلاح أحوال إخوة لنا، وأن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، ونعوذ به أن نغتال من تحتنا، أو أن نذهب في غير مذهبنا ونقضي في غير قضيتنا.. وأن يصلح حالنا.